خَبَتْ ذكراكَ يا ابن أبي دؤادِ
وأَعلى اللهُ حظوةَ من تعادي..
كَبَتَّ فتى بني شيبان دَهْــرا
فأعلى اللهُ شأن أولي الرَّشادِ
ويومُ الفسقِ في الدنيا قصـيرٌ
وأظلمُ من دجى أهلِ الفسادِ
أ أغـرتك الوزارةُ والتكايـا
وسيفُك فوقَ أعناقِ العبـادِ؟!!
وقدْ تُطْغي المناصبُ عاشقيهـا
وتُعمي القلبَ أهواءُ الفـؤادِ
بلوتَ قوافلَ العلماءِ حقْـدا..
وفي جنبيّكَ قلبٌ من جمـادِ
وإن تُليتْ له الحججَ العوالي
فمبلغُ علمِـهِ ذرُّ الرَّمَــادِ
وما لسـواطعِ الآيـاتِ إلاّ
بساطُ النّطْعِ أو سوطُ الجِلادِ
ظلمتَ وللمظالمِ شـرُّ عُقـبى
وثوبُ العَدلِ من خيرِ العتـادِ
نسيتَ بأنَّ للإمهالِ حَــدّا
وبَغْيُ النّفسِ يسلسُ في القيادِ !!
وما للنفسِ عن زللٍ حجـابٌ
إذا ما أغْفَلتْ يومَ المَعَــادِ
سَكَنْتَ إلى مُنى باغ ٍ وعـاد ٍ
وكُنتَ بدارِنا بُوقَ الأعَـادي
ومن طبْعِ العَمَالةِ وصلُ جافٍ
وبيعُ العَهدِ في سُـوقِ المَزادِ
وعشـتَ تبشّرُ الدّنيا حثيثا
بما أذكى عقوبةَ قـومِ عَـادِ
عُرى المعروفِ عندكَ منكراتٌ
تسجّتْ تحتَ أقـدامِ العِنَـادِ
وأصـواتُ الهـدايةِ خافتاتٌ
خُنقن على تراقـصِ شهرَزادِ
وفي بلدي – ولي فيهِ اغترابٌ
أرى ما قد أرى.. إلا بلادي
إذا ما الذئبُ أُوْلغَ في دِمَـانا
أقمتَ على غوائلنـا تنادي!!
أليفٌ في معاشـرةِ المنـاوي
ويسلقُنــا بألسنةٌ حِـدادِ
ألا تبّتْ يمينُـك من توالي؟!!
ألا تبّت يُمينُكَ من تعادي؟!
وكيفَ أُجالدُ الأعداءَ حُـرّاً
وهذا خنجري يفري فؤادي!!
وللمتنفعـين لديك جـدوى
وفيضُ عطيّةٍ وفضــولُ زادِ
ومالُ اللهِ في العاني حــرامٌ
حلالٌ في الملاعـبِ والنوادي
وكم هَمْلَجْتَ في حُمْرِ الليالي
ومظلومـوك في ثوبِ الحِدادِ
وكم فَجّعْـت بنتاً في أبيهـا
وغلْتَ الأمَ في جمرِ السُّهادِ !!
وما أحلى المنيّـةَ دون ديني
وما أغلى الأذى دون اعتقادي
خذوا جلدي المعذّبَ مزّقـوهُ
فبالإيمانِ صبري واتئـادي..
خذوا عرضي الشريفَ فطهّروهُ
ونقّــوا عسجدي بالإتّقـادِ
خذوا علمي المؤصّلَ فانشروهُ
إذا التأريخُ أخبر عن مُرادي..
خذوا صبري وصدقي واحتسابي
منارةَ قدوةٍ .. ولوا جهـادِ..
فللأجيالِ في الأُوَلِ اتّســاءٌ
وكم يهفو الجوادُ إلى الجوادِ!!
وما الإنسان يا ابن دؤاد إلاّ
على قدر الفضائلِ والمبـادي
وإن غَـارَ الحيـاءُ فلا تبالي
بذي الأوتادِ أو ذاتِ العِمـادِ
أي ابن دؤادّ والأيامُ حُبـلى
وقد يصحو المغيّبُ من رُقـادِ
ثملتَ بسكرة ِ الجـاهِ المُعمّى
فَشَّبَت فيك نيرانُ التمـادي
ولو صُنْتَ الأمانة طِبْتَ ذِكْرا
وشعّ سناك في سِفْر الرَّشادِ..